في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) عرف إخوان الصفا في رسائلهم الحركة والسكون [1] على أنها صورة جعلتها النفس في الجسم بعد الشكل، وأن السكون هو عدم تلك الصورة؛ والسكون بالجسم أولى من الحركة لأن الجسم ذو جهات لا يمكنه أن يتحرك إلى جميع جهاته دفعة واحدة، وليست حركته إلى جهة أولى به من جهة، فالسكون به إذا أولى من الحركة.
وقد قسم إخوان الصفا الحركة إلى ستة أوجه:
الكون : هو خروج الشيء من العدم إلى الوجود، أو من القوة إلى الفعل.
الفساد : عكس ذلك.
الزيادة : هي تباعد نهايات الجسم عن مركزه.
النقصان : عكس ذلك.
التغير : هو تبدل الصفات على الموصوف من الألوان والطعوم والروائح وغيرها من الصفات.
النقلة : أما الحركة التي تسمى النقلة فهي عند جمهور الناس الخروج من مكان إلى مكان آخر، وقد يقال إن النقلة هي الكون في محاذاة ناحية أخرى من زمان ثان، وكلا القولين يصح في الحركة التي هي على سبيل الاستقامة؛ فأما التي على الاستدارة فلا يصح، لأن المتحرك على الاستدارة ينتقل من مكان إلى مكان، ولا يصير في محاذاة أخرى في زمان ثان، فإن قيل إن المتحرك على الاستدارة أجزاؤه كلها تتبدل أماكنها وتصير في محاذاة أخرى في زمان ثان إلا الجزء الذي هو ساكن في المركز فإنه ساكن فيه لا يتحرك. فليعلم من يقول هذا القول ويظن هذا الظن أو يقدر أ ن هذا الرأي صحيح، أن المركز إنما هو قطة متوهمة وهي رأس الخط، ورأس الخط لا يكون مكان الجزء من الجسم. وليعلم أيضا أن المتحرك على الاستدارة بجميع أجزائه متحرك، وهو لا ينتقل من مكان إلى مكان، ولا يصير محاذيا بشيء آخر في زمان ثان. فأما الحركة على الاستقامة فلا يمكن أن تكون إلا بالانتقال من مكان إلى مكان والمرور بمحاذيات في زمان ثان.